المقالات | عامة
منح دراسية مجانية بالكامل: حلمٌ ممكن أم وهم؟
شفاء الكاف
الحصول على منح دراسية مجانية بالكامل للدراسة خارج اليمن! حقيقة أم أنها محض أوهام و"بلبلة"! يقول الكثير من الشباب أن الحصول على منحة دراسية ممولة بالكامل يكاد أن يكون أمراً مستحيلاً، ويستشهد الكثير منهم بعشرات المحاولات التي أقدم عليها والتي باءت بالفشل. يطرق الشباب المتحمس جميع الأبواب الممكنة لتمويل تعليمه الجامعي في الخارج، ويصاب الغالبية بالإحباط ويتبدد هذا الحماس والاندفاع ويُستبدل باليأس. يرى البعض أن المنح الدراسية المجانية والممولة بالكامل عبارة عن ادعاءات وآمال متبددة تستنزف طاقات الشباب، ويرى البعض الآخر أن الحصول على منحة دراسية مجانية هو من النوادر والحظوظ التي لا تصادف إلا قلة قليلة، فيُصبح الشاب ويُمسي مردداً ما قال الشاعر جبران خليل جبران: "أخبروا الحظ بأننا أحياء فليطرق بابنا ليلة". ويتجه البعض الآخر إلى الاعتقاد بأن الحصول على هذه المنح هو من نصيب أصحاب الوساطة والمحسوبية فقط.
هل هذه هي الحقيقة المُرَّة أم أن سوء التقدير والتحليل هو السبب في سلسلة الإحباطات المتكررة هذه؟ الأمر ببساطة يتعلق بـ "الإدراك العميق للمؤهلات والخيارات المتاحة". يجب على الشخص النظر بكل شفافية ومنطقية للقدرات والمؤهلات ودراسة الخيارات المتاحة بدقة وربط المعطيات بالخيارات الموجودة؛ لتجنب الإحباطات وإهدار الوقت والطاقة. يجب أولاً أن يعي الشخص بأن الحصول على منحة ممولة بالكامل يتطلب تكريس الجهد والوقت، ويجب ألا يُعلِّق آماله بضربة حظ قد لا تلحظ انتظاره وصبره الطويل.
لا تنتظر من الحظ أن يجدك وسط كومة الأحلام الشابة. ترجَّل عن صهوة الانتظار والأعذار ... ابحث واسْعَ واجتهد واصنع مستقبلك بيدك.
إن تحليل المعطيات بدقة وتحديد مواطن القوة والضعف تُساعد الشخص على اختيار أكثر الخيارات ملاءمة له، ليتفادى بذلك الوقوع في براثن الإحباط والسآمة. يجب أن يكون الشخص واضح وصريح مع نفسه وأن يحلل مؤهلاته وإمكاناته بدقة، هل أنا شخصية قيادية؟ هل أنا من أكثر الطلاب تفوقاً وتميزاً؟ هل أنا مهتم بالمشاركة المجتمعية؟ هل أملك حقيقة الدافع والشغف لدراسة تخصص معين؟ هل أنا مرشح قوي لاستحقاق المنحة؟ يجب طرح جميع الأسئلة التي يمكنها أن تساعد الشخص على تكوين صورة واضحة ودقيقة عن شخصيته ومؤهلاته، والتي تُبين له نقاط قوته التي يُمكنه أن ينافس بها لنيل المنحة. كما عليه أيضاً أن يطَّلع على الخيارات المتاحة بعين فاحصة، فلكل منحة أو جامعة أو تخصص شروط ومعايير خاصة، كما أن بعض المنح شديدة التنافس والبعض الآخر تكون فرص القبول فيها أكبر، والأمر كذلك ينطبق أيضاً على الدرجات العلمية، فنسبة منح البكالوريوس تُعد أقل من نسبة منح الدراسات العليا. بقليل من التركيز والاجتهاد، يستطيع الشخص تكوين رؤية واضحة وشاملة، وتحديد معايير وأولويات المنحة، وتقدير نسبة استحقاقه لها.
ما هو الشي الذي تركز عليه المنحة؟ الشخصية القيادية؟ الإصرار وتحدي المعوقات؟ المستوى الدراسي؟ إتقان لغة معينة؟ الشخصية المبادرة؟
يجب أن يمتلك الشخص مهارات التفكير الاستراتيجي والمنطقي التي تمكِّنه أولاً من تحديد الخيارات المتاحة والمُمكنة وتجاهل الخيارات والطرق المسدودة، ومن ثم تحليل الخيارات المتاحة بدقة وربطها بالمعطيات التي يملكها، وعوضاً عن تبديد الجهد والوقت، يجب عليه أن يُحسن التصرُّف بما يملك من نقاط قوة، وأن يُحدد وجهته وهدفه بناءً على المعطيات المتوفرة؛ من أجل زيادة فرص القبول والتقليل من الشعور بالإحباط واليأس.
ولكن! لا يعني هذا أبداً الاستسلام والاكتفاء، فالتطوير المستمر والطموح هو من شيم أرباب النجاح. على الشخص أن يتحلى بالمسؤولية، وأن يسعى إلى تطوير مهاراته ومواكبة مستجدات ومتطلبات العصر؛ لكي يقتنص الفرصة التي يريدها ويحلم بها.
كن متقداً ... باحثاً ... ساعياً ... حالماً ... فأمامك عالم بأسرهِ.
كلمة أخيرة:
لا تتوقف حينما يواجهك طريق مسدود أو تصطدم بأمور خارجة عن سيطرتك ولا تستطيع تغييرها، ابحث عن طريق آخر وانتزع "بجدارتك" فقط ما تستحقه.
اقرأ هذا المقال أيضاً: كيف تختار تخصصك الجامعي هنا.